مَحَطَّاتٌ رَمَضَانِيَّةٌ [3]: مُحَاضَرَاتٌ وَفَوَائِدٌ وَدُرَرٌ فِي رَمَضَانَ

شهر رمضان موسم للطاعات، أفاض الله على الصائمين فيه من الخيرات، وشرّف أوقاته على سائر الأوقات؛ لذلك نسوق هذه النفحات والوقفات وهي محطات إيمانية وتربوية نستنشق فيها نسائم الرحمات، وننهل من بستان رمضان شهر الخيرات، نقطف الثمار والأزهار، ليتجلى ما فيها من فوائد وعبر وأسرار، علَّنا ننال رضا العزيز الغفار، ونكون فيه من المرحومين الفائزين الرابحين المأجورين المعتوقين من النار، فلنُطهِّر قلوبنا قبل موسم الحصاد، ولنغسلها بماء التوبة وثلج الإنابة وبَرَدِ الاستغفار، فإذا عَزَمتَ التوبةَ وصحَّت ونَشَأَت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن؛ فإن التائبَ من الذنب لا ذنب له، فالسعيدُ الموفقُ من وُفِّقَ فيهِ لِلُزومِ الطاعات وهَجرِ المُحرماتِ، والحرصِ على تحقيقِ مرضاةِ ربِّ الأرضِ والسموات، فرمضانُ شهرُ التوحيد؛ إذ يظهرُ فيه التسليمُ التام لأحكام الله عزّ وجلّ، وإخلاص الأعمال لله عزّ وجلّ والذي هو أصلُ الدين وعليه مدارُه، ورمضان شهرٌ جعله اللهُ مِصْبَاحَ الْعَام وواسطةَ النظام وأشرفَ قَوَاعِد الْإِسْلَام المشرفَ بِنور الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْقِيَام، ورمضان شهر الإنفاق والجود، والصيامُ عبادةٌ جليلة لها آثارٌ عظيمة ينبغي استشعارُها، وليس مجردَ الامتناعِ عن الطعام والشراب وبعضِ المباحات، بل هو سرٌ بين العبد وربه، ومن الأهمية بمكان استحضارُ النيةِ الصالحة لهذه الفريضة المباركة، وبخلافه يكون الصيامُ إرثاً وتقليداً ومحاكاةً وعادة؛ فلننتبه رعاكم الله، فشهرُ رمضان منحةٌ ربانيةٌ للأمة الإسلامية، ومحطةٌ من محطات مراجعة النفس والخَلوةِ مع كتاب الله عزّ وجلّ، وحسنِ الالتجاءِ لله سبحانه، وصدقِ التضرع، فلنعقدَ العزمَ من الآن؛ ولنُحدِّث أنفسَنا بأن نصومَ صيامَ مودِّعٍ؛ فلنُخلِص النيات ولنتجرد في أعمالنا وطاعاتنا لرب الأرض والسموات، عَلَّنا ننالُ الأجرَ والمثوبات ودخولَ الجنات؛ فالتاجر الرابح الحاذق الذي يستثمر موسم التجارة، بأفضل الأرباح وأعظمها، بل ويستعد لذلك أتم الاستعداد، لعلمه ويقينه بالعائد الكبير والربح الوفير في ذلكم الموسم، سائلين الله تعالى أن يوفقنا وجميع إخواننا المسلمين إلى الصواب، وأن ينفعنا وإياهم بذلك.
مَحَطَّاتٌ رَمَضَانِيَّةٌ [3]: مُحَاضَرَاتٌ وَفَوَائِدٌ وَدُرَرٌ فِي رَمَضَانَ
أَحَد مساقات حَقِيبَةِ (الصَّومُ جُنَّةٌ وَهُوَ الطَّرِيقُ إِلَى الجَنَّةِ)
تقديم: فَضِيلَة الشَّيخِ عَبدِ الكَرِيمِ بِنْ عَبدِ اللهِ الخُضَيرِ.

https://lms.mustansiriyah.net/course/view.php?id=39

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*