هذا كتاب رحلةٍ للمسلم يبتعد بها عن لؤم الناس وتكالبهم على الدنيا وازدحامهم حول عظامها وتوافهها. واعتلاء بالنفس الكريمة إلى الله وما يحبه الله من سجايا وفضائل وأعمال طيبةٍ تكون لصاحبها جمالاً في أعين الناس، وجوازاً ييسر له الوصول إلى عالم الرضا والنعيم المقيم في دار الخلود.
هو طريق الهجرتين وصفهما الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن القيم رحمه الله في كتابه هذا:
هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق اللجوء والافتقار في كل نَفَس إليه.
وهجرة إلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة، بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محابّ الله ومرضاته، ولا يقبل الله من أحد ديناً سواه وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها لا زاد المعاد.
“ولما كانت السعادة دائرة –نفياً وإثباتاً- على ما جاء به، كان جديراً بمن نصح نفسه أن يجعل لحظات عمره وقفاً على معرفته، وإرادته مقصورة على محابه وهذا أعلى همةٍ شَمَّرَ إليها السابقون، وتنافس فيها المتنافسون”.
وبعدُ فإن أصدق نصيحة يتناصح بها المسلم وأخوه قول كل منهما لصاحبه: “كن مع الله”، وقول أحدهما لأخيه: “الله معنا”. ولن تكون الثانية إلا إذا تحققت الأولى عن طريق أولى الهجرتين في هذا الكتاب وهي الهجرة إلى الله. وإنما نقوم بها إذا كنا من أهل السنة المحمدية، ولا نكون من أهلها إلا عن طريق الهجرة الثانية في هذا الكتاب وهي الهجرة إلى حامل أكمل رسالات الله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتزام سنته وآدابه كما لو كنا من أصحابه المعاصرين له.
فإلى طريق الهجرتين أيها المحمديون..
مَنَصَّةُ المُسْتَنْصِرِيَّةِ التَعْلِيميَّةِ لِلتَّعَلُمِ والتَّعْلِيمِ الاِفْتِرَاضِيّ المَفْتُوحِ تقدم لكم مَسَاق
طَرِيقُ الهِجرَتَينِ وَبَابُ السَّعَادَتَينِ
تَألِيف: الإمَامِ أَبي عَبْدِ اللهِ مُحَّمَدِ بْنِ أبِي بَكْر بْنِ أَيُّوب ابنِ قيِّمِ الجَوْزِيَّةِ؛
قِرَاءَةٌ بِصَوتِ فَضِيلَةِ الشَّيخِ عَمرو السَّيِّدِ إِبْرَاهِيمَ البُسَاطِي.
https://lms.mustansiriyah.net/course/view.php?id=34
Leave a Reply